الثلاثاء، 2 سبتمبر 2008

قصص قصيرة - ميثاق الشرف


" اقتل..
اقتل..
اقتل..
لا مجال للرحمة..
انهم أعداء.."

*****

سكن القصف أخيرا..
الآن يسيطر على الوضع..
تجوس عيناه خلا ل الأنقاض ..يبحث عن احتمالات وجود حياة.. وان كان ذلك يكاد يقترب من الخيال, بعد أن دكت القذائف كل هذه البيوت..
كانت مقاومة شرسة..عليه أن يعترف بذلك..
الأعداء كانوا يقاتلون بكل مالديهم من قوة..لكن فارق التسليح كان في صفه..وميزان القوة كان لديه..
فكان النصر حليفه..
لأنه على حق..
أو هذا هو ما يؤمن به..
*****

ابتعد قليلا عن زملائه..لابد أن يتفرقوا حتى يؤمنوا كل هذه الدروب والأزقة..
في تلك اللحظة..كان يشعر بالخوف..من الممكن الأن أن تنطلق رصاصة غادرة, تنهي كل أفكاره, وأحلامه..تنهي حياته..
مجرد شظية من حديد..ويموت شهيدا..وتخلد ذكراه في الوطن..
نفض رأسه بقوة..
لا داع لهذه الأفكار..من أين تأتي تلك الطلقة, ولا شيء حوله سوى جثث ملقاة..
جثث الأعداء !
" أهديء بالك يا رجل..واصل طريقك..
لقد قتلتهم جميعا.."
*****

فجأة التقطت أذناه الصوت..في البدء كان ضئيلا..ثم ازداد وضوحا..
يأتي من هناك..من ذلك المبنى نصف المتهدم..
تلك القبة الخضراء ذات الهلال, والبرج المرتفع..الذي لم يعد كذلك الآن ..
تلك دار عبادة..
الصوت يأتي من هناك..
" خذ حذرك..هذا المكان مثالي لكي يقتلوك منه..
الأوغاد !"
هكذا تعلمت..
*****

عاد الصوت يخفت من جديد..
خلف هذا الجدار..در ببطء..ببطء..
الآن..ماذا ترى ؟
*****
كان جريحا..
ملقى وسط الأنقاض..ولا زالت الدماء تنزف من جسده..
" فيم تفكر.. انه أحد الأعداء الجرحى..
افعل ما يمليه عليك واجبك..وميثاق الشرف الذي تعلمته..
أد عملك الأن.."
*****

دوى صوت الطلقة..عاصفا يتردد في أذنيه..
سكن الصوت الخافت للأبد..
ويتحرك ليواصل جولته..بكل الفخر الذي ملأ نفسه..
لقد انتهى عمله هنا..
*****

في طريقه خيل اليه أنه يرى أحد الأعداء.. خلف ذلك الجدار..يختبيء..
لكنه يراه بوضوح..
يعود اليه التحفز..يقترب بحذر..يرفع سلاحه..ويستعد لاطلاق النار..
" توقف يارجل..
انه ميت.."
خفض سلاحه في هدوء , وواصل طريقه..
لن يطلق النار..
هذا ما يمليه عليه واجبه..
وميثاق الشرف الذي تعلمه..
فمن العار عليه أن يطلق النار..
على جسد ميت..


(تمت)

ليست هناك تعليقات: