"قرأت عنه في الصحف..
خبر وفاته يتصدر الصفحات الأولى..
اقرأه في جريدة الأمس..
أو جريدة اليوم..
اقرأه حتى في جريدة الغد..
لا فارق..
لقد بات رقما ما..
في قوائم الموت الطويلة.."
**-------**
لم يغمض له جفن بطول الليل..وما أطوله ليل..
لم ينقطع فيه تفكيره..لم يهمد ذهنه عن أفكار ظلت تروح و تغدو..تذهب به لأقصى الأرض..تعبر أجوازا شاسعة من الخيال..ثم لا تلبث أن تعود به إلى واقعه من جديد..
فما أشبهه حينئذ لمن يريد ملك الدنيا..ما أشبهه لمن يريد أن يكشف غموض مستقبله..فيعبر حدود حاضره..
بل ما أشبهه بمن سقطت منه حسابات الدنيا..ولم يسترجعها..
لكن.. هل يعرف أحد فيم يفكر؟
هل يعرف أحد ما يريد؟
*********
حتى إذا انزاح وجه الليل,وعاد إلى الدنيا الفجر الجديد..كان قد حزم الأمر لنفسه..
سيعود..
سيعود إلى وطنه..
حسبك من غربتك يا هذا.. قد ترامت بك أطراف الدنيا..وقذفت بك في أبعد ثناياها..
قد ظللت تحلم طويلا أن تعود ..إلى وطنك الذي تشرق فيه الشمس بنور تزهو به الدنيا..وتسترجع فيه ذكرياتك, تلك التي باتت من فرط قدمها كآثار لا تزال تملك بعض الخلود..
سيعود إلى وطنه..ليحارب الغزاة ويقاوم المحتلين..
سيعود إلى وطنه..ويناضل ضد الغرباء..
*********
هلم يا رجل..سر حثيثا..فطريق العودة قد فتح على غير المعتاد..
و إلى الأفق البعيد تتبدى مركبات قد ازدحمت بمثله من اللذين استبد بهم الحنين إلى الوطن..
بدأت الحماسة تغزو قلبه,وتملأ نفسه..تذهلها عن كل تغيير طرأ على هذه الدنيا القديمة..
لم يلتفت سمعه لكل الأصوات من حوله..كان في شغل بهتافات مدوية بالفرحة..
ربما تدوي من داخله..
"ها قد عدت..
وسأنتصر.."
********
وفي مكمنه يرتجف في الظلام.. البرد القارص..والسحب التي تنذر بالسوء..
الآن هو على الجبهة..القتال يستعر..الحشود تستنفر في كل مكان..
فيوم التلاقي العظيم قد اقترب كثيرا..
ولم يشغله ذلك عن التفكير..أن يعود بذهنه إلى ذكريات مختزنة بداخل عقله..وأحلامه الحيرى لا تزال تبدو لناظريه..لم يلبث طويلا كي يحققها..البيت,الأهل,الأطفال اللذين لم يعودوا كذلك..
بعد تدريب بسيط,أعطوه بندقية قديمة..فأصبح جاهزا ليكون في خط النار..
ليكون هو خط النار..
قالوا بشجاعتك,تصبح البندقية مدفعا..تدمر مصفحات الأعداء..
كل ما يملك بندقية قديمة..وعاطفة مشبوبة..
قالوا أن النصر قريب..النصر لنا..يكون لك بإيمانك..
قالوا ثلاث كلمات..صوب..اضرب..اقتل..
ذاك أساس القتال..
وعلى ذلك,تكوم على نفسه..وهو لا يزال يرتجف..من البرد..أو من الخوف..
وغمغم قائلا..
"سأعود.."
*********
وكأنما فتح باب من الجحيم..
انفجارات تدوي..بعد صوت الطلقات..ثم تأخذ الصرخات دورها في سمعه..
قتال غير متكافئ أبدا..
ويأتي الصوت الغامض من مكان ما..
صوب..اضرب..اقتل..
في تلك اللحظة كان يفكر..(ربما من اليأس)
"سأنتصر..
سأعود.."
**********
وفي لحظة ما..لا يعد هناك من شيء..
ينتهي الأمر..وتثبت الأيام كم كذبت أحلامه..
لم ينتصر..
ولم يعد..
"يشهد بذلك فتات جسد امتزج بنثار الأرض..
فياله من نصر..
ويالها من عودة.."
خبر وفاته يتصدر الصفحات الأولى..
اقرأه في جريدة الأمس..
أو جريدة اليوم..
اقرأه حتى في جريدة الغد..
لا فارق..
لقد بات رقما ما..
في قوائم الموت الطويلة.."
**-------**
لم يغمض له جفن بطول الليل..وما أطوله ليل..
لم ينقطع فيه تفكيره..لم يهمد ذهنه عن أفكار ظلت تروح و تغدو..تذهب به لأقصى الأرض..تعبر أجوازا شاسعة من الخيال..ثم لا تلبث أن تعود به إلى واقعه من جديد..
فما أشبهه حينئذ لمن يريد ملك الدنيا..ما أشبهه لمن يريد أن يكشف غموض مستقبله..فيعبر حدود حاضره..
بل ما أشبهه بمن سقطت منه حسابات الدنيا..ولم يسترجعها..
لكن.. هل يعرف أحد فيم يفكر؟
هل يعرف أحد ما يريد؟
*********
حتى إذا انزاح وجه الليل,وعاد إلى الدنيا الفجر الجديد..كان قد حزم الأمر لنفسه..
سيعود..
سيعود إلى وطنه..
حسبك من غربتك يا هذا.. قد ترامت بك أطراف الدنيا..وقذفت بك في أبعد ثناياها..
قد ظللت تحلم طويلا أن تعود ..إلى وطنك الذي تشرق فيه الشمس بنور تزهو به الدنيا..وتسترجع فيه ذكرياتك, تلك التي باتت من فرط قدمها كآثار لا تزال تملك بعض الخلود..
سيعود إلى وطنه..ليحارب الغزاة ويقاوم المحتلين..
سيعود إلى وطنه..ويناضل ضد الغرباء..
*********
هلم يا رجل..سر حثيثا..فطريق العودة قد فتح على غير المعتاد..
و إلى الأفق البعيد تتبدى مركبات قد ازدحمت بمثله من اللذين استبد بهم الحنين إلى الوطن..
بدأت الحماسة تغزو قلبه,وتملأ نفسه..تذهلها عن كل تغيير طرأ على هذه الدنيا القديمة..
لم يلتفت سمعه لكل الأصوات من حوله..كان في شغل بهتافات مدوية بالفرحة..
ربما تدوي من داخله..
"ها قد عدت..
وسأنتصر.."
********
وفي مكمنه يرتجف في الظلام.. البرد القارص..والسحب التي تنذر بالسوء..
الآن هو على الجبهة..القتال يستعر..الحشود تستنفر في كل مكان..
فيوم التلاقي العظيم قد اقترب كثيرا..
ولم يشغله ذلك عن التفكير..أن يعود بذهنه إلى ذكريات مختزنة بداخل عقله..وأحلامه الحيرى لا تزال تبدو لناظريه..لم يلبث طويلا كي يحققها..البيت,الأهل,الأطفال اللذين لم يعودوا كذلك..
بعد تدريب بسيط,أعطوه بندقية قديمة..فأصبح جاهزا ليكون في خط النار..
ليكون هو خط النار..
قالوا بشجاعتك,تصبح البندقية مدفعا..تدمر مصفحات الأعداء..
كل ما يملك بندقية قديمة..وعاطفة مشبوبة..
قالوا أن النصر قريب..النصر لنا..يكون لك بإيمانك..
قالوا ثلاث كلمات..صوب..اضرب..اقتل..
ذاك أساس القتال..
وعلى ذلك,تكوم على نفسه..وهو لا يزال يرتجف..من البرد..أو من الخوف..
وغمغم قائلا..
"سأعود.."
*********
وكأنما فتح باب من الجحيم..
انفجارات تدوي..بعد صوت الطلقات..ثم تأخذ الصرخات دورها في سمعه..
قتال غير متكافئ أبدا..
ويأتي الصوت الغامض من مكان ما..
صوب..اضرب..اقتل..
في تلك اللحظة كان يفكر..(ربما من اليأس)
"سأنتصر..
سأعود.."
**********
وفي لحظة ما..لا يعد هناك من شيء..
ينتهي الأمر..وتثبت الأيام كم كذبت أحلامه..
لم ينتصر..
ولم يعد..
"يشهد بذلك فتات جسد امتزج بنثار الأرض..
فياله من نصر..
ويالها من عودة.."
( تمت )